الطلاق فى الشريعة المسيحية
Divorce in the Law of christianity
بقلم
مجدى صادق
www.magdysadek.8m.com
طبعة 2011
باسم الآب
والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
الطلاق فى الشريعة
المسيحية
المـــــؤلف: مجـــدى صــادق
الطـــــبعة : الثالثة 2011 غربيـة
الموقع على النت: www.thelogoscenter.8m.net
البريد الإلكترونى :
magdy2033@hotmail.com
الطلاق فى الشريعة
المسيحية
|
الفهرس
|
الصفحة
|
|
الفهرس
|
5
|
الفصل
الأول :
|
الطلاق فى الشريعة المسيحية
|
7
|
|
إعتراضات والرد عليها
|
10
|
المطلب الأول :
|
السند الكتابى
|
12
|
المطلب الثانى :
|
التقليد الكنسى
|
16
|
المطلب الثالث :
|
القوانين الكنسية
|
17
|
الفصل
الثانـى :
|
مفهوم الطلاق لدى طوائف المذهب
الكاثوليكى
|
23
|
الفصل
الثالث :
|
اعتبارات جعل زنى المرأة العلة
الوحيدة للطلاق فى المسيحية
|
26
|
|
صدر للمؤلف
|
29
|
الفصل الأول
الطلاق
فى الشريعة المسيحية
وضعت لائحة سنة 1938 الخاصة بالأحوال
الشخصية التى أصدرها المجلس الملى العام للأقباط الأرثوذكس فى 9 مايو سنة 1938
أحكاما فى المواد من 50 إلى 58 تبيح التطليق لعشرة أسباب تسع منها تخالف منطوق
الإنجيل المقدس الذى قيد حق الرجل فى تطليق زوجته إلا لعلة الزنا ( متى 19 : 3 , 7
, 8 , 9 ) ( متى 5 : 31 - 32 ).
ثم عندما شرع المجلس الملى فى تطبيق تلك
الأحكام المخالفة لشريعة الإنجيل المقدس اعترض الأساقفة وكل شعب الكنيسة فاجتمع
المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وأصدر قرارا مجمعيا فى مايو سنة 1945
يقضى بقصر الطلاق على علة الزنا فقط حسب منطوق الإنجيل.
ثم فى عام 1955 بعد إلغاء المحاكم الملية
بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بدأت المحاكم الوطنية فى نظر منازعات الأحوال الشخصية
للمسيحيين المصريين التى تعرض عليها وصارت تطبق أحكام التطليق بلائحة 1938
بالمخالفة للقانون رقم 462 لسنة 1955 الذى نص فى المادة 6/2 منه على أنه " بالنسبة
للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة
والملة .. فتصدر الأحكام .. طبقا لشريعتهم " أى طبقا لقرار المجمع
المقدس الصادر سنة 1945 المتقدم بيانه.
وبناء عليه صارت أحكام القضاء الصادرة
بالمخالفة لقرار المجمع المقدس الواجب التطبيق بمقتضى نص المادة 6/2 من القانون
رقم 462 لسنة 1955 الذى نص على أن تصدر الأحكام وفقا لشريعتهم أى وفقا للشريعة
التى تحددها الرئاسة الدينية الشرعية للطائفة بما يوصم تلك الأحكام بعيب مخالفة
القانون وإنكار العدالة.
فما كان من البابا المعظم الأنبا شنودة
الثالث إلا أن أصدر بمجرد اعتلائه السدة المرقسية القرار البابوى رقم 7 لسنة 1971
ويقضى بعدم اعتراف الكنيسة بأى طلاق يحدث لغير علة الزنا وتعتبر أن الزواج - الذى
حاول هذا الطلاق أن يفصمه - ما يزال قائما.
وفى
سنة 2008 ارتأت الكنيسة إقرار لائحة الأحوال الشخصية التى أصدرها المجلس العام
للطائفة سنة 1938 وتعديلها بمقتضى ما لها من سلطة تشريعية.
فأصدر البابا شنوده الثالث بابا وبطريرك
الكرازة المرقسية ورئيس المجلس العام لطائفة الأقباط الأرثوذكس توجيهاته إلي
المجلس العام للطائفة بتعديل أحكام تلك اللائحة بما يتفق ونصوص الإنجيل.
وانتهي المجلس من إعداد التعديلات وعرضها
علي قداسته فأقرها, وتم نشرها بالوقائع المصرية بالعدد 126 فى 2 يونيو سنة 2008 على أن يعمل بها إعتبارا من الثانى من يوليو سنة
2008 ميلادية.
وتضمنت التعديلات تعديل نص المادة 50 من
اللائحة بالنص التالى :
" يجوز لكل من الزوجين أن يطلب التطليق
بسبب زنا الزوج الآخر "
كما أبقت على نص المادة 51 ونصها " إذا خرج أحد
الزوجين عن الدين المسيحى وانقطع الأمل من رجوعه إليه جاز الطلاق بناء على طلب الزوج
الآخر ".
كما تم إلغاء المواد من 52 حتى 58 من اللائحة وهى الخاصة بأحكام التطليق
المخالفة لمنطوق الإنجيل المقدس.
وبهذا تكون اللائحة قد قصرت الطلاق علي الأسباب
التالية :
1
- زنا الزوج أو الزوجة وفقـا لنص
المادة الخمسون.
2 - خروج أحد الزوجين من الملة وفقا لنص المادة
الحادية والخمسون.
ونرى أن الإرتداد عن الملة فى المسيحية لا
يرتب الطلاق بل الفرقة وفسخ الزواج إن لم يتوافقا وفقا لقول بولس الرسول "
ولكن إن فارق غير المؤمن فليفارق " ( كورنثوس الأولى 7 : 15 ) فالطلاق
هو للعلة الواحدة فقط.
ورغم أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رفضت
أسباب التطليق المخالفة لمنطوق الإنجيل المقدس فى المواد من 50 إلى 58 بلائحة 1938
إلا أنها أخذت بنص المادة 50 من تلك اللائحة التى أجازت التطليق فى حالتين
حيث أجازت لكل من الزوجين أن يطلب الطلاق لعلة الزنا بالمخالفة لمنطوق الإنجيل
المقدس الذى قصر الطلاق على العلة الواحدة وهى زنى الزوجة بحسب منطوق الإنجيل وفقا
لقول رب المجد " من طلق امرأته إلا لعلة الزنى وتزوج بأخرى يزنى والذى
يتزوج مطلقة يزنى " ( متى 19 : 3 , 7 , 8 , 9 ) ( متى 5 : 31 –
32 ).
وعلة
ذلك أن الشريعة المسيحية لا تجيز التطليق وحل الزيجة لزنى الزوج مطلقا. فالزوجـة
البريئـة إذا طلقت زوجهـا لسبب زنـاه وتزوجت بآخر تكون هى التى زنت ( باسيليوس 9
).
وهذا النص ما هو إلا تطبيق لقول الرب :
" إن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر
تزنى " ( مرقس 10 : 12 ) حيث ورد النص مطلقا بلا أى إستثناء من قاعدة أبدية
الزواج, وفى هذه الحالة تعد المرأة زانية ويحل لزوجها أن يطلقها ويتخذ غيرها عملا
بقول الرب :
" من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج
بأخرى يزنى " ( متى 19 : 9 ).
وقد أوضح بولس الرسول علة عدم جواز حل
الزيجة لزنى الزوج بقوله :
أم تجهلون أيها الأخوة لأنى أكلم العارفين
بالناموس .. المرأة التى تحت رجل هى مرتبطة بالناموس
بالرجل الحى
.. فإذن ما دام الرجل حيا تدعى زانية إن صارت لرجل آخر ( رومية 7
: 1 - 3 ) ( كورنثوس الأولى7 : 39 ).
كما أن مطلق النص الإنجيلى صريح الدلالة بأن
من يتزوج مطلقة ( سواء كانت بريئة أم زانية ) يرتكب الزنى ( متى 19 : 9 ) لأنه كما
يقول بولس الرسول :
" ما دام الرجل حيا تدعى زانية إن صارت لرجل آخر " (
رومية 7 : 1 - 3 ) ( كورنثوس الأولى 7 : 39 ).
لهذا طالبنا فى مؤلفنا " اختصاصات القضاء الكنسى " الصادر سنة
1994 بتعديل لائحة 1938 بحذف أسباب الطلاق المخالفة لشريعة الإنجيل المقدس بقصر
الطلاق على علة زنا الزوجة فقط بحسب منطوق الإنجيل لقول الرب " قيل من طلق
امرأته فليعطها كتاب طلاق وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنا
يجعلها تزنى ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى " ( متى 5 : 31 - 32 ).
من ذلك
نرى أن الزواج لا ينحل إلا بزنى الزوجة فقط وفقا للإعلان الإلهى بأن المرأة التى
تحت رجل هى مرتبطة بالناموس بالرجل الحى حتى أنها تدعى زانية إن صارت لرجل آخر ( رومية
7 : 1 - 3 ) ( كورنثوس الأولى 7 : 39 ).
وهذا معناه أن المرأة إذا طلقت زوجها لسبب زناه وتزوجت بآخر تكون هى التى
زنت. لأن من يتزوج مطلقة - سواء كانت بريئة أم زانية - يرتكب الزنى وفقا
لمطلق النص الإنجيلى.
إعتراضات
والرد عليها
أثار
مطلبنا بقصر الطلاق على زنا الزوجة فقط حسب منطوق الإنجيل المقدس حفيظة أحد
المعارضين فكتب مقالا فى جريدة الشعب بتاريخ 17/6 /1994 تحت عنوان " الأحوال الشخصية بين الآراء الفقهية
والقضاء الكنسى " جاء فيه :
إن ما ذكرناه يثير الدهشة والعجب لكونه
يتضمن تفرقة ظالمة بين الرجل والمرأة حين اقترافهم جريمة واحدة.
ويرى أن هذا التعليم لا يمكن أن يكون له سند
من نص كتابى أو تقليد مستقر أو أى مصدر تشريعى كنسى مقبول, واستطرد قائلا :
إن المعروف - حسب تصوره - أن زنا الزوج كزنا الزوجة كلاهما
يفصمان علاقة الزوجية المقدسة, ومن الظلم الواضح أن تستمر الزوجة البريئة مرتبطة
بزوج زان وأن تعتبر زانية إن طلقته وتزوجت بغيره, وأن يعتبر زانيا من يتزوجها بعد
طلاقها من هذا الزوج الشرير.
الرد
من المؤسف أن المعترض قد اندفع بلا تروى أو
فهم أو دراسة إلى إلقاء القول على عواهنه بأن ما ذكرناه لا يمكن أن يكون له سند
كتابى أو تقليد مستقر أو أى تشريع كنسى مقبول. مقررا أن المعروف أن زنا الزوج كزنا
الزوجة كلاهما يفصمان علاقة الزوجية المقدسة.
والواقع أن تلك القاعدة المعروفة لدى
المعترض والتى تجعل من زنا الزوج كزنا الزوجة هى قاعدة مدنية لا دينية ولم تطبق
إلا فى ظل لائحة 1938 المخالفة فيما يتعلق بأسباب الطلاق لشريعة الإنجيل المقدس.
أما قوله بأن ما ذكرناه ليس له سند كتابى أو
تقليد مستقر أو أى قانون كنسى مقبول فمردود بأنه رغم أنه من المقرر قانونا أنه لا
اجتهاد مع صريح النص القائل " من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزنى ومن
يتزوج مطلقة فإنه يزنى " ( متى 5 : 31 - 32 ) فإننا سنقدم فيما يلى جميع تلك
المطالب التى تثبت أن الطلاق قاصر على علة زنا الزوجة فقط إضافة لمطلب رابع نستعرض
فيه الأسباب التى من أجلها صار زنى المرأة هو السبب الوحيد لحل الزيجة فى
المسيحية.
وفيما يلى نعرض لهذه المطالب على التوالى.
المطلب الأول
السند الكتابى
الأصل أن الطلاق فى الشريعة الموسوية حق
للرجل دون المرأة وهو حق أصيل لا خلاف فيه بمقتضى الشريعة المذكورة فى سفر
التثنية 24 والتى تبيح للرجل أن يطلق
زوجته متى وجد بها عيب سيء على أن يعطيها كتاب طلاق ونصها:
إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها، فإن لم تجد نعمة فى
عينيه لأنه وجد فيها عيب سيء وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته,
ومتى خرجت من بيته ذهبت وصارت لرجل آخر، فإن أبغضها الرجل الأخير، وكتب لها كتاب
طلاق .. أو إذا مات الرجل الأخير .. لا يقدر زوجها الأول الذى طلقها أن يعود
يأخذها لتصير له زوجة بعد أن تنجست لأن ذلك رجس لدى الرب ( تثنية 24 : 1-4 ).
ورغم أن النص لم يعط للرجل أن يطلق المرأة
لأى سبب إلا إذا وجد بها عيب سيء إلا أن اليهود توسعوا فى مفهوم العيب
فجاء التحذير الإلهى لليهود بأن لا يغدر أحد بامرأة شبابه بلا علة بالقول :
" أحذروا لروحكم ولا يغدر أحد بامرأة
شبابه. لأنه يكره الطلاق قال الرب إله إسرائيل ( ملاخى 2 : 15 - 16 ).
فكان أن ثار خلاف فى الفقه اليهودى حول ماهية العيب الذى أذن موسى للرجل أن
يطلق زوجته بسببه هل يقصد بالعيب " الزنا " أم العيوب الطبيعية أم
المرضية أم الأدبية أم مطلق العيب خطيرا كان أم تافها.
وبصدد هذه المشكلة تقدم إلى يسوع قوم من
الفريسيين وعرضوا عليه مسألة الطلاق التى طالما احتدم الجدال بشأنها بين علمائهم
لا سيما بين المدرستين الكبيرتين مدرسة الرابى شمعى التى كانت لا تجيز للرجل أن
يطلق زوجته بالإرادة المنفردة إلا لعلة واحدة هى علة الزنا, ومدرسة الرابى
هليل التى كانت تجيزه لكل علة.
فأتباع شمعى كانوا يقولون أن المراد بالعيب
المجيز للطلاق هو زنى المرأة. أما أتباع هليل فيتوسعون فى تأويل ذلك العيب بأنه
العيب مطلقا خطيرا كان أم تافها.
ولم يكن غرض الفريسيين من السؤال هو معرفة أى
المدرستين على صواب بل كان هدفهم أن يجربوه
فقالوا له :
هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب ؟
فأجاب وقال لهم أما قرأتم أن الذى خلق من البدء خلقهم ذكرا وأنثى, وقال من أجل هذا
يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا إذ ليس بعد اثنين
بل جسدا واحدا. فالذى جمعه الله لا يفرقه إنسان.
فقالوا له فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب
طلاق فتطلق؟ قال من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نسائكم ولكن من البدء لم
يكن هكذا, وأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزنى والذى
يتزوج بمطلقة يزنى ( متى 19 : 3 - 9 ).
وقد أضاف مرقس إلى رواية متى قوله :
" وإن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر
تزنى " ( مرقس 10 : 11 ).
والفرق بين روايتى متى ومرقس فى شأن الطلاق
أن مرقس زاد فى الرواية قول السيد " وإن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر تزنى
" فإن هذه الشريعة لم يذكرها متى ولم يقل بها السيد المسيح لليهود علانية بل
قالها لتلاميذه على إنفراد فى البيت ( مرقس 10 : 10 ) لهذا تركها متى الذى
كتب إنجيله لأمة اليهود الذين لم يعتادوا هذه الشريعة إذ أن شريعة موسى لم تأذن قط
للمرأة بأن تطلق زوجها بل أن الرجل هو المأذون له بأن يطلق زوجته ويعطيها كتاب
طلاق ( تثنية 24 : 1 - 4 ).
مما تقدم يتضح أنه وفقا لأحكام الشريعتين الموسوية والمسيحية لا يحق للمرأة
مطلقا أن تطلق زوجها إذ أن هذا الحق معطى للرجل وحده دون المرأة إذا وجد بها علة
وقد قيد السيد المسيح حق الرجل فى تطليق زوجته لأى سبب بقصره على العلة الواحدة
حسب منطوق الإنجيل المقدس.
فللرجل بحسب شريعة موسى أن يطلق امرأته لأجل
أى علة على أن يكتب لها كتاب طلاق أما بحسب الشريعة المسيحية فليس للرجل أن يطلق
امرأته إلا لعلة الزنا.
وتقييد حق الرجل فى تطليق زوجته بالإرادة
المنفردة لأى علة وضعه رب المجد بقوله تبارك اسمه " قيل من طلق امرأته
فليعطها كتاب طلاق وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها
تزنى, ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى " ( متى 5 : 31 - 32 ) ( متى 19 : 7 - 9
).
يتضح من استقراء قول الرب " قيل من طلق
امرأته فليعطها كتاب طلاق " أنه يشير بذلك إلى شريعة موسى السالف بيانها
والتى أعطت للرجل الحق فى أن يطلق زوجته لأى عيب يجده فيها على أن يعطيها كتاب
طلاق.
وبداهة أنه وفقا لتلك الشريعة لم يكن من حق
المرأة مطلقا أن تطلق زوجها حتى لو زنى. كما لم يكن من حقها أن تطلب الطلاق لأى
سبب لأن الرجل فى الشريعة الموسوية كما فى سائر الشرائع هو رأس المرأة.
والسيد المسيح بقوله تبارك اسمه " أما
أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزنى, والذى
يتزوج بمطلقة يزنى " لم ينسخ حق الرجل فى تطليق زوجته بل قيده بضابط موضوعى
لتحقيق الغرض الذى شرع الزواج من أجله بأن قصر حق الرجل فى تطليق زوجته على
ارتكابها لجريمة الزنا.
وعلى ذلك إذا طلق الرجل امرأته لأى علة غير علة
الزنا يجعلها تزنى إن تزوجت بآخر, وكذلك من يتزوج بمطلقة من رجل - سواء كانت بريئة
أم زانية - يزنى ( لوقا 16 : 17 ).
لأن المرأة التى تحت رجل هى مرتبطة بالناموس
بالرجل الحى .. فإذن مادام الرجل حيا تدعى زانية إن صارت لرجل آخر ( رومية 7 : 1 -
3 ) ( كورنثوس الأولى 7 : 39 ) لأن المرأة تحت ناموس الرجل أما الرجل فليس تحت
ناموس المرأة فإن طلقها لزناها وتزوج بأخرى فى حياتها فلا يعد زانيا. أما هى فإن
فارقته لسبب زناه وتزوجت بآخر فى حياته تكون هى التى زنت. إذن ما دام الرجل حيا
تدعى زانية إن صارت لرجل آخر, ولكن إن مات الرجل فهى حرة أن تتزوج بمن تشاء بحسب
شريعة الرب.
والواقع أن هذه التعاليم فى رسائل بولس
الرسول ما هى إلا تطبيق لقول الرب :
" من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج
بأخرى يزنى والذى يتزوج بمطلقة يزنى " ( متى 19 : 9 ) وإن طلقت امرأة
زوجها وتزوجت بآخر تزنى ( مرقس 10 : 12 ).
وقد
أوضح بولس الرسول علة ذلك بقوله :
أم تجهلون أيها الأخوة لأنى أكلم العارفين
بالناموس. أن الناموس يسود على الإنسان ما دام حيا فإن المرأة التى تحت رجل هى
مرتبطة بالناموس بالرجل الحى ولكن إن مات الرجل فقد تحررت من ناموس الرجل. فإذن ما
دام الرجل حيا - حتى وإن كان زانيا - تدعى زانية إن صارت لرجل آخر, ولكن إن مات
الرجل فهى حرة من الناموس حتى أنها ليست زانية إن صارت لرجل آخر ( رومية 7 : 1 - 3
).
ويقول بولس الرسول أيضا :
" المرأة مرتبطة بالناموس ما دام رجلها
حيا ولكن إن مات رجلها فهى حرة لكى تتزوج بمن تريد فى الرب فقط " ( كورنثوس
الأولى 7 : 39 ).
أما المطلقة فلا يحل لها الزواج من آخر
مطلقا لمطلق نص الآية من يتزوج مطلقة يزنى ( متى 19 : 9 ).
المطلب
الثانى
التقليد الكنسى
جاء فى كتاب " تعاليم الرسل "
المعروف بالدسقولية ما نصه :
الزواج الناموسى اشتركوا فيه لأن الزيجة
هكذا هى بغير لائمة لأجل أنه من جهة الرب صارت المرأة مناسبة للرجل, وأيضا لأن
الرب قال الذى خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى لهذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق
بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا, وأيضا بعد الزواج لا يطلق أحد امرأته لكل سبب
إلا بسبب الزنا لهذا قال :
من أجل أن الرب هو الشاهد بينك وبين امرأة
شبابك التى أنت غدرت بها وهى قرينتك وامرأة عهدك .. فأحذروا لروحكم ولا يغدر أحد
بامرأة شبابه لأنه يكره الطلاق قال الرب إله إسرائيل ( ملاخى 2 : 14 - 16 ).
لأن الرب قال أن الذى أزوجه الله لا يفرقه
إنسان.
فالمرأة هى شريكة العمر والزيجة تجعل
الاثنين جسدا واحدا من قبل الله. فالذى يرجع أيضا دفعة أخرى ليفرق الواحد إلى
اثنين هو عدو لخليقة الله ومضاد لتدبيره.
هكذا أيضا الذى يتمسك بامرأة قد تنجست فى
ناموس الطبيعة هو منافق لأجل أن الذى يتمسك بالزانية جاهل ومنافق لأنه قال إقطعها
من جسمك ( ابن سيراخ 25 : 26 ) لأجـل أنها ليست معينة بل غاوية وقد أمالت قلبها
إلى آخر ( الدسقولية 33 : 27 - 29 ).
المطلب
الثالث
القوانين الكنسية
جاء
فى قوانين الكنيسة الرسولية ما نصه :
" كل من طلق امرأته لغير العلة وتزوج
بأخرى وكذا كل من تزوج مطلقة رجل آخر يقطع من الشركة " ( رسطا 45 )( رسطج 35
).
وجاء
فى القانون التاسع للقديس باسيليوس ما نصه :
إن الرب إلهنا يساوى بين الرجل والمرأة فى
المنع من الطلاق إلا فى علة الزنى. فقد جرى التقليد أن تبقى النساء أزواجهن وإن
وقعوا فى الخطيئة .. فالرجل إذا هجرته امرأته ولو كان هجرها سببا عن خيانته
الزوجية واتخذت غيره تقع فى خطيئة الزنى. أما هو فيأخذ غيرها إذ لا يسمح للمرأة أن
تطلق زوجها. أما إذا هجر الرجل امرأته وهى بريئة فلا يسمح له بالزواج ( باسيليوس 9
).
وجاء
فى قانونه الحادى والعشرين ما نصه :
إن الرجل المتزوج الذى يرتكب الزنى مع امرأة
أو عذراء يعاقب بشدة ولكن ليس لدينا قانونا لاعتباره زانيا ( لتطليقه ), وتلزم
زوجته بأن تبقى مساكنة له, وإذا ارتكبت الزوجة الزنى يحكم بطلاقها وإذا أبقاها
الرجل عنده لا يعد من الأتقياء. هذا هـو التقليد ( باسيليوس 21 ).
وجاء
فى قوانين البابا كيرلس الثانى السنجارى البطريرك 67 ما نصه :
أى نصرانى له امرأة وتزوج بأخرى فى حياتها ويجمع بينهما من غير علـة ( أى دون أن ترتكب الزنا ) هو محروم,
وكل كاهن يعلم به ويقربه فهو ممنوع إلى حين يفرق بينهما ويترك الثانية ويعود إلى
الأولى ويتوب ( باعتباره خاطئا ) وإن كان كاهن فيقطع وليس له توبة ( أى لا يرد إلى
رتبته ) .
أى نصرانى تسرى على زوجته فلا يحل أن يبقى
على ذلك فمن بقى على ذلك بعد سماعه هذا القول فهو ممنوع لا سلطان له فى دخول
البيعة ولا قربان إلا أن يخلى عن السرية ويعود إلى زوجته.
أى نصرانى كانت له زوجة وتزوج أخرى من غير
عذر زنا ورزق من الثانية ولدا واحتج بولده فى مفارقة الثانية فهو ممنوع ولا يدخل
البيعة ولا يتقرب إلا بعد تخليته الثانية والعودة إلى الأولى. وكل كاهن يعلم به
ويقربه فهو محروم.
من ذلك نرى أن الكنيسة لم تفرق بين الرجل
وامرأته الأولى رغم تسريه أو زواجه من أخرى بالمخالفة لما جاء بلائحة سنة 1938
التى تعتبر الرجل بزواجه من أخرى أو تسريه زانيا فتطلقه من زوجته. بالمخالفة
لشريعة المسيح التى أعطت للرجل وحده الحق فى تطليق زوجته لعلة واحدة هى الزنا وكان
حق الرجل فى الشريعة اليهودية فى تطليق زوجته لأى سبب مطلقا دون أن يكون للمرأة
مثل هذا الحق فلا يحق لها مثلا أن تطلق زوجها وتعطيه كتاب طلاق بل كان للرجل وحده
هذا الحق وجاء السيد المسيح وقيد حق الرجل فى تطليق زوجته بأن جعله لعلة واحدة هى
الزنا بقوله تبارك اسمه قيل للقدماء من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق وأما أنا
فأقول لكم من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزنى ومن يتزوج بمطلقة يزنى.
وهذا معناه أن المرأة التى يطلقها زوجها وهى
بريئة إذا تزوجت من آخر تزنى ومن يتزوج مطلقة من رجل بصرف النظر عما إذا كانت
بريئة أم زانية يزنى ولن يغير من هذه الحقيقة أن يتممه أحد الإكليروس لأن من يرتكب
هذه الشنيعة ويزوج مطلقة يصير شريكا فى الجريمة ولا يعفى من المسئولية بإدعاء جهله
بمخالفة فعله للشريعة المسيحية وقوانين الكنيسة. لأنه مكتوب أنت بلا عذر أيها
الإنسان.
وجاء
فى قوانين البابا غبريال بن تريك البطريرك السبعون ما نصه :
" انتهى إلى ضعفى أن قوما قد طرحوا
نواميس الله وتخلوا عن نساءهم واتخذوا عليهم النساء السرارى. من كان على هذه
القضية واستمر عليها فليس له نصيب مع شعب الله إلى أن يعود ويرجع عن غيه وقبح
فعاله, ومن تمادى على هواه ورأيه فهو والامرأة التى معه ومن أزوجها له تحت الكلمة
القاطعة, وليس هو فى حل ولا سعة ".
وكل كاهن يعلم بحالهم ولا ينهى أمرهم إلى
أسقفهم ليحكم عليهم فهو شريكهم ومساهمهم فى دينونتهم. وإن تغافل الأسقف بعد علمه
بهم فهو شركهم أيضا " ( الكتاب الأول مادة 21 ).
وجاء
فى قوانين البابا كيرلس الثالث بن لقلق البطريرك 75 ما نصه :
" أن الزيجة تنفسخ بثبوت الزنا على
المرأة " ( الكتاب الثانى ب 2 : 6 : 1 ).
ويقول العلامة الصفى أبى الفضائل بن العسال
:
" وأما الزانى فلا يفرق بينه وبين
زوجته .. وهذا وأمثاله يجب عليه مقاصصة أرباب الجنايات لا تفريق الزيجات " (
المجموع ج 2 ب 24 ف 6 ).
وجاء
فى قوانين البابا مرقس الثامن البطريرك المائة والثامن ما نصه :
" نعلمكم أيها الكهنة خدام المذبح من
قبل الذين يطلقون نساؤهم ويتخذون واحدة بعد واحدة فالتوبة والقانون لازم لهم إن
رجعوا عن سالف إثمهم واستردوا المرأة الأولى التى هى المكلل عليها بحلول الروح
القدس. فإذا لم يرجعوا عن إثمهم فلا أحد من الكهنة يسمح لهم بالقربان وكل من يسمح
لهم بالقربان فهو المطلوب بهم لأن القوانين المقدسة تمنع أن يتقرب مثل هؤلاء
" ( منشور كنسى بشأن الذين يطلقون نساءهم لغير علة ويتخذون واحدة أخرى ).
يتضح من مجمل هذه القوانين أن من يطلق
امرأته دون علة ويتخذ غيرها فإن الكنيسة لا تقر هذه الزيجة الثانية وتعتبرها زنا
ولا تعترف إلا بالزيجة الأولى ولا تحلها بدعوى زنى الزوج بزواجه من أخرى بل تمنعه
من القربان حتى يعود للأولى.
أى أنه لا يتم حل الزيجة لزنى الزوج مطلقا
وتظل الزوجية قائمة. أما إذا اتخذت الزوجة رجلا آخر فالكنيسة تعتبرها زانية وتقضى
بطلاقها ولا يحل لها الزواج من بعد فى حين يحل لزوجها فى هذه الحالة أن يأخذ
غيرها.
وجاء فى قرار المجمع
المقدس الصادر سنة 1945 ما نصه :
حيث أن المجلس الملى العام وضع قانونا
للأحوال الشخصية وأقره بجلسة 9 مايو سنة 1938 وقد خرج فى بعض مواده عما ورد فى
الكتاب المقدس وقوانين الكنيسة وعلى الأخص فى موضوع الطلاق الذى أجازه لعشرة أسباب
تسعة منها لا تتفق مع الكتاب أو القوانين.
وقد أثار هذا القانون اعتراض رجال الدين
بصفة خاصة والشعب القبطى بصفة عامة وكان مظهر هذا الاعتراض ما قدم من احتجاجات
ومذكرات إلى الجهات الدينية والرسمية لأن السيد المسيح له المجد منع الطلاق إلا
لعلة الزنا بقوله فيها وأما أنا فأقول لكم.
وحيث أن هذا القانون فى الواقع قانون دينى
يجب أن تتفق أحكامه مع الكتاب المقدس والقوانين الكنسية كالمتبع فى جميع الطوائف
والمذاهب, وعلى هذا الأساس تكون الجهات الدينية هى المختصة بوضعه لما لرجالها بحكم
وظائفهم من خبرة فضلا عن كونهم القائمين بإتمام سر الزواج الذى قال الله تعالى عنه
" ما زوجه الله لا يفرقه إنسان ".
لذلك قرر المجمع المقدس قصر الطلاق على علة
الزنا فقط حسب منطوق الإنجيل مع تأليف لجنة لوضع قانون للأحوال الشخصية يتفق مع
أحكام الدين وأصوله وأوضاعه.
صدر عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية
الأرثوذكسية فى 21 مايو سنة 1945 ميلادية.
وجاء فى القرار
البابوى رقم 7 لسنة 1971 ما نصه :
1
- عملا بوصية الرب فى الإنجيل
المقدس. لا يجوز التطليق إلا لعلة الزنا. فقد ورد فيها تعليم السيد المسيح له
المجد فى عظته على الجبل قوله :
" وأما
أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزنى " ( متى 5 : 22 ).
وقد كرر الرب هذه الوصية فى إجابته على
الفريسيين إذ قال لهم :
" أقول
لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزنى " ( متى 19 : 9 ).
" من طلق امرأته وتزوج بأخرى يزنى
عليها " ( مرقس 10 : 11 ).
2 - كل طلاق يحدث لغير هـذه العلـة الواحـدة لا
تعترف به الكنيسة المقدسة وتعتبر أن الزواج - الذى حاول هذا الطلاق أن يفصمه - ما
يزال قائما.
صدر بالمقر البابوى من البابا شنوده الثالث
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى 18 نوفمبر سنة 1971
ميلادية.
الفصل الثانى
مفهوم الطلاق لدى
طوائف
المذهب الكاثوليكي
نهجت شريعة الطوائف الكاثوليكية نهجا متطرفا
يخالف أعراف وقوانين الكنيسة وشريعة الإنجيل المقدس ذاتها فيما يتعلق بشريعة
الطلاق حيث انتهوا إلى تحريم الطلاق مطلقا حتى لزنى الزوجة بزعم أن قاعدة عدم
قابلية الزواج المسيحى للإنحلال لم يرد عليها أى اسـتثناء ولا الاسـتثناء الوارد
فى الإنجيل بحسب متى القائل " إن من طلق امرأته إلا لعلـة الزنا يجعلها تزنى,
ومن يتزوج مطلقـة فإنه يزنى " ( متى 5 : 32 ) ( متى 19 : 9 ) وزعموا لتبرير
هذا النهج إلى أن السيد المسيح قصد بالطلاق الانفصال الجسدى بين الزوجين لا حل
الزيجة, بدليل نهيه عن الزواج بالمطلقة وأن من يتزوجها يزنى. فهذا دليل حسب تصورهم
على أن المطلقة ما تزال مرتبطة بالزوج الأول وأن الطلاق الذى عناه فى شأنها هو
هجرها ومفارقتها لا حل رباط الزوجية, واعتمدوا فى تأييد دعواهم إلى أن الأناجيل
الأخرى التى ورد فيها تحريم الطلاق قد حرمته تحريما قاطعا بلا أى استثناء.
بالإضافة إلى ما قاله بولس الرسول بأن
المرأة التى تحت رجل هى مرتبطة بالناموس برجلها ما دام حيا. فإن مات الرجل فقد
تحررت من ناموس الرجل. فإذن ما دام رجلها حيا تدعى زانية إن صارت لآخر, ولكن
إن مات الرجل فقد تحررت من ناموس الرجل. فإذن ما دام رجلها حيا تدعى زانية إن صارت
لآخر, ولكن إن مات رجلها فهى حرة من
الناموس حتى أنها ليست زانية إن صارت لرجل آخر ( رومية 7 : 1 - 2 ).
واستنتجوا من ذلك أن كل من الرجل والمرأة
تحت ناموس للآخر وعليه لا يحل لأى منهما أن يتزوج فى حياة الآخر وإلا كان زانيا
فإذا زنت الزوجة فإنه يفرق بينهما ولكن دون أن يترتب على ذلك إنحلال الزواج.
والواقع أن استنتاجات الكاثوليك تفتقر
الموضوعية للأسباب التالية :
أولا
: أن إدعاء الكاثوليك بأن قاعدة عدم
قابلية العلاقة الزوجية للإنحلال لا يرد عليها أى استثناء حتى ولا الاستثناء
الوارد فى متى 5 : 22 + 19 : 9 استنادا إلى أن الأناجيل الأخرى التى ورد فيها
تحريم الطلاق قد حرمته تحريما قاطعا بلا أى استثناء لا يقوم برهانا على صحة
ما يزعمونه إذ يكفى التصريح بالاستثناء مرة واحدة فى أى من الأناجيل المقدسة
لثبوته. فكم بالحرى يثبت الاستثناء وقد ورد مرتان فى إنجيل متى.
وعليه فإن إنكار
الاستثناء هو تعسف فى التفسير يصل إلى حد إنكار النص.
ثانيا
: إن إدعاء الكاثوليك بأن كل من الرجل
والمرأة تحت ناموس للآخر ظاهر الفساد لأن المرأة وحدها هى التى تحت ناموس الرجل (
رومية 7 : 2 ) ( كورنثوس الأولى 7 : 39 ) لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من
الرجل, ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل ( كورنثوس الأولى
11 : 8 - 9 ).
يتضح من ذلك أن الرجل ليس تحت ناموس المرأة
بل تحت ناموس المسيح. لأن الرجل هو صورة الله ومجده أما المرأة فهى مجد الرجل (
كورنثوس الأولى 11 : 7 ) لأن رأس كل رجل
هو المسـيح وأما رأس المرأة فهو الرجل ( كورنثوس الأولى 11 : 3 ).
وبداهة أن الرأس يدين ولا يدان لهذا أعطت
جميع الشرائع العصمة للرجل دون المرأة, ومفهوم العصمة أن الرجل هو الذى يملك وحده
أن يطلق امرأته بالإرادة المنفردة متى وجد بها عيب سيىء أما هى فلا تملك أن تطلقه
لأنه رأسها الذى يحكمها ويدينها كعضو فى جسده ولا يحكم أو يدان منها.
فالمرأة إذ هى تحت ناموس الرجل فإنها تدان
بناموس الرجل باعتباره رأس المرأة لهذا لا يحل
للمرأة أن تطلق زوجها ولا أن تعطيه كتاب طلاق حتى وإن زنى أو تسرى أو تزوج
عليها كما فى جميع الشرائع.
فالمرأة مرتبطة بالناموس بالرجل الحى فإن
تزوجت بغيره وهو حى حتى وإن كان طلاقها منه لعلة زناه تصير هى التى زنت ويحل
لزوجها عندئذ أن يطلقها لعلة زناها ويتزوج غيرها فى حياتها دون أن يعد زانيا.
والواقع أن ادعاء الكاثوليك بأن كل من الرجل
والمرأة تحت ناموس للآخر يرتب نتائج غير منطقية إذ يصير كل منهم رأس للآخر
وبالتالى يحق لكل منهم أن يطلق الآخر بصفته رأس ولا يحق لأى منهما أن يطلق الآخر
بصفته مرؤوس. أى أن هذا الإدعاء يؤدى إلى نتائج متضاربة ومتضادة وغير منطقية.
ثالثا
: إن
تأويل الكاثوليك للإستثناء الوارد فى متى 5 : 21 . 22 ومتى 19 : 9 بالقول بأن السيد المسيح قصد بالطلاق الإنفصال
الجسدى بدليل نهيه عن زواج المطلقة وتأويل قول بولس الرسول بما يجعل كل من الرجل
والمرأة تحت ناموس للآخر مردود بوجوب التمييز بين الإنفصال الجسدى ( كورنثوس
الأولى 7 : 10 - 11 ) ومرجعه استحكام
الخصام بين الزوجين دون أن ترتكب الزوجة جريمة الزنى وبين الطلاق الذى مرجعه زنى
الزوجة.
فالرجل
إذا هجرته امرأته ولو كان هجرها مسببا عن خيانته الزوجية واتخذت غيره تقع فى خطيئة
الزنا. أما هو فيأخذ غيرها إذ لا يسمح للمرأة مطلقا أن تطلق زوجها كما لا يحل
للرجل أن يطلق امرأته وهى بريئة فإن فعل فلا يسمح له بالزواج من أخرى وإن تزوج فإن
زواجه الثانى يقع باطلا بطلانا مطلقا وتظل الزيجة الأولى قائمة رغم هذا.
هذا هو الشرع
والتقليد والقانون الكنسى فى مختلف عصور الكنيسة.
الفصل الثالث
اعتبارات
جعل زنى المرأة
العلة
الوحيدة للطلاق فى المسيحية
نظرا لأن نص المادة 50 من لائحة 1938 التى
أجازت لكل من الزوجين أن يطلب الطلاق لعلة الزنا قد ترسخ مع الأسف فى وجدان البعض
ممن ليس لهم معرفة بأحكام الإنجيل المقدس والتقليد الرسولى والقوانين الكنسية فقد
انحرفوا بعدم معرفة عن حق الإنجيل بالقول " من المعروف أن زنا الزوج كزنا الزوجة
كلاهما يفصل علاقة الزوجية المقدسة, ومن الظلم الواضح أن تستمر الزوجة البريئة
مرتبطة بزوج زان وأن تعتبر زانية إن طلقته وتزوجت بغيره, وأن يعتبر زانيا من
يتزوجها بعد طلاقها من هذا الزوج الشرير, وأن قصر الطلاق على زنا الزوجة فقط هو
تفرقة ظالمة بين الرجل والمرأة حين اقترافهم جريمة واحدة ".
والحق
أن ما يراه البعض عدلا هو فى الواقع تعويج لطرق الله المستقيمة وانحراف عن منطوق
كلمات الإنجيل المقدس الصريحة والبينة وعن التقاليد الكنسية لأن التفرقة بين الرجل
والمرأة فى الحكم حين اقترافهم جريمة واحدة لا يمكن أن يعالج بنظرة قاصرة عن إدراك
الأسباب الدينية والطبيعية والاجتماعية بين الجنسين ونعرض لها فيما يلى :
الأسباب الدينية
1 - أن الرجل صورة الله ومجده وأما المرأة فهى مجد
الرجل.
2 - أن
الرجل رأس المرأة والمسيح رأس الرجل ( كورنثوس الأولى 11 : 2 - 3 ) ( أفسـس 5
: 22 - 24 ).
وهذا معناه أن المرأة تحت ناموس الرجل
كما أن الرجل تحت ناموس المسيح وهذا ما أوضحه بولس الرسول بقوله:
أن المرأة التى تحت رجل هى مرتبطة بالناموس
بالرجل الحى ولكن إن مات الرجل فقد تحررت من ناموس الرجل. فإذن ما دام الرجل حيا -
حتى وإن كان زانيا - تدعى زانية إن صارت لرجل آخر, ولكن إن مات الرجل فهى حرة من
الناموس حتى أنها ليست زانية إن صارت لرجل آخر ( رومية 7 : 1 - 3 ).
وهذا هو التقليد أن زنى المرأة يوقعها تحت ناموس الرجل فيطلقها ويقطعها من
جسده كعضو فاسد. أما زنى الرجل فيوقعه تحت ناموس المسيح الذى يقطعه من شركته
ويفرزه كعضو فاسد حتى يتوب أو يسلم للهلاك الأبدى.
3 - أن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل,
والرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل ( كورنثوس الأولى 11 : 7 - 9
).
لهذا " يجب
على الرجال أن يحبوا نسائهم كأجسادهم. من يحب امرأته يحب نفسه. فإنه لم يبغض أحد
جسده قط بل يقوته ويربيه كما الرب أيضا للكنيسة " ( أفسس 5 : 28 - 29 ).
ويقول الرسل فى تعليمهم أن المرأة أخذت من
جسم الرجل لتكون له معينة فإن زنت فإن الشريعة تأمر الرجل بأن يقطعها من جسمه لأجـل
أنها صارت ليست معينة بل غاويـة ( الدسقولية 33 : 29 )
هذه هى الإعتبارات التى من أجلها صار زنى
المرأة فقط هو السبب الوحيد للطلاق فى المسيحية, ويبدوا أن تقييد السيد المسيح لحق
الرجل فى تطليق زوجته قد أثار قلق التلاميذ فى البدء فقالوا له " إن كان هكذا
أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق أن يتزوج " فقـال لهـم " ليس
الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أعطى لهم .. من استطاع أن يقبـل فليقبـل "
( متى 19 : 8 - 12 ).
فالشريعة اليهودية أعطت للرجل الحق فى تطليق
زوجته بالإرادة المنفردة إذا وجد بها عيب سييء دون أن يكون لها هذا الحق لو وجدت
به عيب. لهذا تنص الشريعة اليهودية وفقا
للشريعة الواردة فى سفر التثنية 24 : 1
على أن الطلاق فى يد الرجل, وهو الذى يعطى المرأة كتاب طلاق وليس العكس,
وهو ما نصت عليه المادة 324 من قانون الأحوال الشخصية للموسويين اليهود والمادة
591 من قانون الأحوال الشخصية للطائفة الإسرائيلية.
وجاءت الشريعة المسيحية باعتبارها شريعة
الكمال لتكميل الناموس ليصير فى صورته الكاملة وفقا للشريعة التى وضعها الرب لآدم
وحواء منذ البدء بأن يكون للرجل زوجة واحدة أخذت من جسده. بحيث تصير المرأة وكأنها
أخذت من أضلع زوجها فيصير الإثنان جسدا واحدا موحدا برباط لا ينحل إلا بفساد الضلع
عندئذ يحل لزوجها أن يقطعها عنه ويأخذ غيرها فى حياتها أم هى فلا تحل لأحد من بعده
لأن من يتزوج مطلقة يصير زانيا. إذ مادام زوجها حيا تدعى زانية إن صارت لآخر.
فالمرأة أخذت من جنب الرجل فإذا زنت ( أى
فسدت ) فإنه هو الذى يقطعها عنه. لأن العضو هو الذى يقطع لا الرأس. لذلك فإن الرأس
الذى يتمسك بالزانية جاهل ومنافق لأنه قال إقطعها من جسمك ( ابن سيراخ 25 : 26 )
لأجـل أنها ليست معينة بل غاوية وقد أمالت قلبها إلى آخر ( الدسقولية 33 : 27 - 29 ).
الأسباب الطبيعية
1 - أن
الله جعل للفتاة غشاء بكارة ليكون قرينة على عفتها, ومن هنا كان الاهتمام بعفة
المرأة طبيعيا ويتعلق بخلقتها.
2 - أن
فضاحة المرأة فى الزنا بسبب الحبل بينة.
3 - أن
المرأة أخذت من جنب الرجل فإذا زنت فإنه هو الذى يقطعها عنه. لأن العضو هو الذى يقطع لا الرأس.
الأسباب الإجتماعية
1 - أن
سهر المرأة خارج المنزل وخروجها مع الرجال يعد من الأمور المشينة للمرأة. أما
بالنسبة للرجل فإن هذه الأمور لا تشينه مطلقا.
2 - أن
المرأة عرض الرجل أما الرجل فليس عرض للمرأة وإنما هى عرض لنفسها.
3 - أن
زنى المرأة يشين رجلها ويجلب له العار.
4 - أن
أولاد الزانية يختلطون بأولاد زوجها الشرعى ويرثون معهم بخلاف الحق.
|
صدر للمؤلف
|
|
المكتبة اللاهوتية
|
1
|
الكتاب المقدس
مفتاح العلـم وأسـرار الكـــــون
|
2
|
تفنيـد
الاعتراضــات على الكتـاب المقـــــدس
|
3
|
إخـــــــراج الشـــــــــــياطــين
|
4
|
ســــــــــر
المســـــــــــــيح
|
5
|
بدعة إخضاع المرأة
لفرائض الشـريعة اليهوديـــة
|
6
|
شـهود يهـوه
والمؤامرة الماسونية ضد المسـيحيـة
|
7
|
المذاهـــــــب
المنحرفـــــــــــــة
|
8
|
عـبادة
الشــــيطان ( ضــــد المســــيح )
|
9
|
المســـيح
الدجـــال الخـطــر القــــــادم
|
10
|
موعــــد مجــىء
المســــيح الدجــــال
|
11
|
الأطـباق الطـائرة هل هي مركبـات
الكروبيــــم؟
|
12
|
ســـــــــــفر
عــــــهـد الـــرب
|
13
|
ســــــــــــر
عـــدد الوحــش 666
|
14
|
المجـــىء الثـانـي
علــي الأبــــــــواب
|
|
|
|
المكتبة
القانونية
|
15
|
نظـــــم الكنيســــــة
القبطيــــــــة
|
16
|
المجلس العام
للأقباط الأرثوذكس تاريخه واختصاصاتـه
|
17
|
الطــلاق فى
الشــريعـــة المســـيحيــــة
|
18
|
مشـكلة الأحوال
الشـخصية للمسـيحيين المصـريين
|
|
|
|
المكتبة
التاريخية
|
19
|
تاريـخ الأقبــاط
فى ظل أنظمـة الحكـم المختلفـة
|
20
|
التاريــخ
الحقيقــى لمصــر القديمـــــــة
|
Divorce in the Law of christianity
الطلاق
فى الشريعة المسيحية
By
Magdy Sadek
www.magdysadek.8m.com
- رسطا
: مختصر القوانين الرسولية المرسلة على يد أكليمنطس عند الملكية ( الكاثوليك ) وعلامته
أربعة أحرف اثنان من اسم الرسولية ( رس ) والثالث ( ط ) من اسم أكليمنطس والحرف
الرابع ( أ ) دلالة على أنه الكتاب الأول فى المجموعة.
رسطب : مختصر القوانين الرسولية المرسلة على يد أكليمنطس عند القبط وعلامته
أربعة أحرف اثنان من اسم الرسولية ( رس ) والثالث ( ط ) من اسم أكليمنطس والحرف
الرابع ( ب ) دلالة على أنه الكتاب الثانى فى المجموعة وهو الكتاب الأول عند
الأقباط.
رسطج : مختصر القوانين الرسولية المرسلة على يد أكليمنطس عند القبط وعلامته
أربعة أحرف اتنان من اسم الرسولية ( رس ) والثالث ( ط ) من اسم أكليمنطس والحرف
الرابع ( ج ) دلالة على أنه الكتاب الثالث فى المجموعة وهو الكتاب الثانى عند
الأقباط.