ان اسمهه "شاول الطرسوسي" قبل اهتدائه للمسيحية.. يُطلق عليه أيضًا: "معلمنا بولس الرسول
لسان العطر".
1- اسم الرسول بولس والعائلة:
بولس رسول الأمم العظيم. كان اسمه العبري شاول الطرسوسي أي "مطلوب" وتسمّى بهذا الاسم في سفر
الأعمال إلى أع 13: 9 حيث قيل "أما شاول الذي هو بولس أيضًا" ومن ذلك
الوقت إلى آخر سفر الأعمال دعي بولس ومعناه "الصغير". وظن البعض أنه أخذ
الاسم من "سرجيوس بولس" وإلى قبرص وهذا مستبعد جدًا. ولكن الرأي السائد،
وهو الصواب، هو أن شاول كان له اسم آخر معروف به عند الأمم هو بولس وقد ذكر اسمان
لبعض اليهود (أع 1: 23 و12: 12 وكو 4: 111).
ولد بولس الرسول في طرسوس في ولاية كيليكية من أعمال الإمبراطورية الرومانية حيثما
صرف مدة طفوليته. ومن حصوله على الرعوية
الرومانية (أع 22: 25-29) نستنتج أنه كان من
عائلة شريفة وعلى الأقل ليست فقيرة، وصاحبة نفوذ فإنه في رو 16: 7 و11 نجده
يرسل التحية إلى ثلاثة أنسباء له ويظهر أن الأولين اعتنقا المسيحية قبله. ومن أع 23:
16 نعلم أن ابن أخته نقل إليه خبر المؤامرة ضده. ويحتمل أنه كان موظفًا أو ذا نفوذ
يجعله يعرف مثل هذه الأسرار. ويدلّ على شرف محتده ما نال من شرف ونفوذ في
السنهدريم وبين القادة اليهود (أع 9: 1 و2 و22: 5 وفي 3: 4-77). وكان أبوه فريسيًا
من سبط بنيامين وقد ربّي على الناموس الضيق (أع 23: 6 وفي 3: 407) ولكنه ولد وهو
يتمتع بالرعوية الرومانية.
2- ثقافة بولس الرسول:
كانت طرسوس مركزًا من مراكز التهذيب العقلي. فقد كثرت فيها معاهد العلم
والتربية. وكانت مركزًا للفلسفة الرواقية التي ظهر تأثيرها في كثير من تعبيرات
الرسول عن المبادئ المسيحية. وسبق القول أنه لا بد أن يكون المّ في صغره بالتاريخ المقدس من الكتاب وتاريخ
اليهود من التقاليد. وكسائر صبيان اليهود
تعلم حرفة يلجأ إلى الاكتساب منها إذا احتاج. وكانت الحرفة التي تعلمها
بولس صنع الخيام (أع 18: 3) فلا يدّل ذلك على فقر أو ضعة. ولمّا أتم تحصيل ما يمكن
تحصيله فيطرسوس أرسل إلى أورشليم، عاصمة
اليهودية ليتبحر في الناموس. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا
في صفحات قاموس الكتاب المقدس والأقسام الأخرى). ومن أع 23: 3 نعرف أنه تربى عند
رجلي غمالائيل وكان هذا من أشهر معلمي الناموس ومفسّريه فأصبح بهذا وبما له من العلم والمعرفة والاستعداد أكثر
تأهلًا وكفاءة للتبشير. فقد تأهّل أكثر من سائر الرسل للمداخلة والتبشير بين
اليهود واليونانيين والرومانيين والبرابرة.
ويظهر أن شاول ذهب إلى أورشليم في صغر سنه (أع 26: 4) وأنه كان له من العمر
20 أو 222 سنة حينما شرع مخلصنا يظهر ذاته للناس.
3- اضطهاد شاول الطرسوسي للمسيحيين:
كان أوّل ذكر لبولس في سفر الأعمال 7: 58 إن الشهود في محاكمة استفانوس "خلعوا
ثيابهم عند رجليّ شاب يقال أنه شاول"
مما يدلّ مع جاء في أع 8: 11 أنه صاحب نفوذ وأنه كان راضيًا بقتله أي أنه كان، على
الأغلب، ضمن المذكورين في أع 6: 9 الذين ساقوا التهم ضد الشهيد الأول. فيظهر هنا
كشخص متعصّب، يكره الفكرة أن ذلك المصلوب هو المسيا ويعتقد أن
تابعيه كانوا خطرًا دينيًا وسياسيًا. وبضمير مستريح كان يقوم بنصيب وفير في
محاولة إرجاع هؤلاء أو قطع دابرهم (أع 8: 3 و22: 4 و26: 10 و11 و1 كو 15: 9 وغل 1:
13 وفي 3: 6 و1تي 1: 13) قام بهذا الاضطهاد بقسوة شخص يثيره ضمير مضلّل. فلم يكتفي
بمهاجمة أتباع ذلك الطريق في أورشليم بل لاحقهم في خارجها. وفي كل ذلك يظن أنه
يؤدي خدمة اللهوالناموس.
4- تجدّد الطرسوسي شاول:
كان ذلك في الطريق إلى دمشق، في وسط النهار عندما ابرق حوله نور من السماء
فسقط على الأرض (أع 9: 3) وكان معه رجال وقفوا صامتين يسمعون الصوت (9: 7) وإن
كانوا لم يميزوا الألفاظ (22: 9) ومن القول "صعب عليك أن ترفس مناخس" نرّجح
أن شاول لا بد كان يتساءل في نفسه "ألا يمكن أن يكون هذا المصلوب هو المسيّا؟
وإلا فكيف يُعلّل تمكنهم بهذا الاعتقاد حتى الموت؟" ومن أع 22: 20 يظهر أن
غيرة استفانوس وصبره وشجاعة احتماله لم تكن في مقدوره لو لم تجد قوة سرية تعاونه. كان
ضميره ينخسه وجاءته الدعوة فلّبى بإخلاص، ووُلد ولادة ثانية. وقد ذكر الحادث لوقا
البشير في أع 9: 3-32 وكرّر ذكره بولس نفسه مرتين في أع 22: 1-16 و26: 1-26. وفي
رسائله ألمح بولس للموضوع بكل بساطة وإخلاص (1 كو 9: 1 و15: 8-10 وغل 1: 12-16 واف
3: 1-8 وفي 3: 5-7 و1 تي 1: 12-16 و2 تي 1: 9-11) مما يثبت حقيقة الموضوع ويبدّد
كل شك فيه. وانه من المؤكد، أيضًا، أن الرب يسوع لم يتكل فقط مع بولس بل أيضًا ظهر
له فرآه مأى العين (أع 9: 17 و27 و 22: 14 و26: 16 و1 كو 9: 1) وبينما لا يتّضح
الشكل الذي رآه بولس فيه إلا أنه كان أكيدًا وواضحًا مما جعله يتحقق أن يسوع هو
ابن الله الحي، فادي البشرية (أع 26: 19). فلم يكن شاول تحت آي تأثير عقلي أو تخيل
هستيري بل سمع فعلًا ورأى فعلًا، ثم عاش طويلًا يردد ويوضح اقتناعه، وقاسى ما قاسى
برضى وثقة وصبر (2 تي 4: 7 و8) إلى آخر أيامه.
5- فترة الاستعداد والتعارف لبولس الرسول:
كان الأمر لشاول "قم ادخل المدينة وهناك يقال لك ماذا ينبغي أن تفعل"
(أع 9: 6) فأطاع وجاءه حنانيا بعد أن بقي أعمى مصليًا ثلاثة أيام وأبلغه برنامج
حياته (أع 9: 15-19) ومن العدد الأخير نفهم أنه بعد أن بقي أيامًا في دمشق، اختلى
مع ربه في العربية ثلاث سنين (غل 1: 16 و17 ) ثم رجع ملتهبًا بنفس الغيرة التي كان
يحارب بها يسوع وإنما الأن شهد بها ليسوع ( أع 9: 20-25) ولما حاولوا قتله هرب إلى
أورشليم حيث رحب به برنابا وقدّمه للرسل،
وحيث بشّر بمجاهرة جعلت اليونانيين في أورشليم يحاولون قتله فذهب إلى
قيصرية ومنها إلى طرسوس مسقط رأسه (أع 9: 266-30). ولا نعرف شيئًا عن الوقت الذي
قضاه في طرسوس ولا كيف صرفه وإن كان يرّجح الكثيرون أن الزمن استغرق نحو ست أو سبع
سنوات، وأنه فيها أسس الكنائس المسيحية في كيليكية، المذكورة عوضًا في أع 15: 41.
6- بولس الرسول في كنيسة إنطاكية:
من أع 11: 20-30 نعرف أن شاول بقي في طرسوس وما حولها في كيليكية إلى
أن نشأت كنيسةإنطاكية وأرسل إليها برنابا
الذي تذكّر الشاب الذي اهتدى "شاول"
وتذكر مقدرته في إقناع الامميين ففتّش عليه إلى أن وجده ودعاه إلىإنطاكية. ومنها
أرسل برنابا وشاول إلى المسيحيين في أورشليم ومعهما عطية مادية لإعانتهم وقت الجوع. ثم جاءت الدعوة
السماوية للتبشير في الخارج (أع 13: 2-4) وبدأت رحلات هذا الرسول التبشيرية التي
كان من نتائجها نشر الإنجيل في آسيا الصغرى والبلقان وايطاليا وأسبانيا.
7- ملخّص حياة بولس المغبوط وتوارِيخ حوادثها حسب إجماع الباحثين:
تجديد بولس 35 ب.م. سكناه في العربية 35-37 ب.م. السفر الأول إلى أورشليم 37
ب.م. (غل 11: 18) وسكناه في طرسوس ثمإنطاكية (أع 11: 26) 37--44 ب.م. السفر الثاني
إلى أورشليم معبرنابا لتخفيف غوائل الجوع 44
ب.م. السفرة الأولى التبشيرية في الخارج مع برنابا- إلى قبرص وإنطاكية بيسيدية وايقونية
ولسترة وردبة ورجوعه إلىإنطاكية 45-49 ب.م. المجمع الرسولي في أورشليم، الخصام بين
العنصر اليهودي والأممي في الكنيسة، سفره
الثالث إلى أورشليم مع برنابا وتيطس، تسوية الخصام، الاتفاق بين اليهود
والأمم المؤمنين، رجوع بولس إلى أنطاكية (أع 155). مباحثته مع بطرس وبرنابا بسبب
مرقس 50 ب.م. السفرة التبشيرية الثانية مع سيلا (أع 15: 40-18: 188) إلى سورية
وكليكية ودربة ولسترة وليكأونية وغلاطية وترواس وأثينا وكونثوس 51 ب.م. بقاؤه سنة
ونصف في كورنثوس وكتابة رسالتي تسالونيكي 52-53. السفر الرابع إلى أورشليم وبقاؤه
مدة وجيزة في أنطاكية (أع 18: 211) بقاؤه ثلاث سنين في افسس، كتابته رسالة غلاطية
والرسالتين الأولى والثانية إلى أهل كورنثوس (سنة 56 أو 57) ورحلته إلى
مكدونيةوكورنثوس وكتابته الرسالة إلى أهل رومية (سنة 57 أو 58). سفره الخامس إلى
أورشليم (في الربيع) وإلقاء القبض عليه
وإرساله إلى قيصرية 58. سجنه في قيصرية، إجراء محاكمته أمام فيلكس وفستوس وأغريباس
(أع 24: 31-266: 32) (وفي هذه الفترة يطن أن لوقا شرع في كتابة إنجيله وسفر
الأعمال) سنة 58-60. سفره إلى رومية (في الخريف) وانكسار السفينة بقرب مالطة
وقدومه إلى رومية في ربيع سنة 61. سجنه الأول في رومية، وكتابته الرسائل إلىكولوسي
وأفسس وفيلبي وفليمون 61-63. حريق رومية في شهر تموز (يوليو) واضطهاد المسيحيين
أيام نيرونواستشهاد بولس (وذلك على رأي من اعتقد بأن بولس سجن مرة واحدة فقط في
رومية) (سنة 64). من يظن أن بولس أسر ثانية، يرتئي أنه أطلق من أسره الأول في
رومية سنة 63 وسافر إلى المشرق وربما إلى أسبانيا وزار افسسومكدونية وكريت. فإذا
صح هذا الرأي كانت كتابته للرسالة الأولى إلى تيموثاوس والرسالة إلى تيطس في خلال
هذه الفترة (بين سنة 64 وسنة 66). سجنه الثاني وكتابته الرسالة الثانية إلى
تيموثاوس (سنة 677 ميلادية). استشهاد بولس سنة 67 أو 688 ب.م.
8- رسائل بولس وتواريخ كتابتها:
إلى أهل تسالونيكي الأولى والثانية في سنة 52 و533 مسيحية - في كورنثوس. إلى
أهل غلاطية في سنة 56-57 مسيحية - في افسس. إلى أهل كورنثوس الأولى والثانية وفي
سنة 57 و58 مسيحية - في افسس ومكدونية.إلى أهل رومية في سنة 58 مسيحية -
في كورنثوس. إلى أهل كولوسي وافسس وفيليبي وفليمون وسنة 61-63 مسيحية - في
رومية. إلى العبرانيين (على قول البعض) سنة 64 مسيحية - من مكدونية. تيموثاوس
الثانية سنة 67 مسيحية - في رومية. إلى
العبرانيين (على قول البعض) سنة 64 مسيحية - من مكدونية. تيموثاوس الثانية
سنة 67 مسيحية - من رومية. (انظر
أيضًاالبولس هنا بموقع الأنبا تكلا في قسم
معجم المصطلحات الطقسية).
9- تقدير بولس الرسول:
وإذا اعتبرنا تغّير بولس من عدوّ الدّ إلى تابع كرّس حياته بكليتها
للديانة المسيحية. مع ما كان عليه من طهارة وعلو شأن وقوة ذهن وحذق، وكثرة أتعاب
في التبشير، وما كان من سيرته منذ رجوعه إلى الرب في طريق دمشق إلى استشهاده في
رومية -إذا اعتبرنا كل هذا- حكمنا أن بولس رجل فريد بين المسيحيين. وكان إنسانًا بلا مال، بلا عائلة، وقام
في وجهه عالم مضادّ، وتجنّد لخدمة المسيح الذي كان قد اضطهده ثم بواسطة رسائله
ومثاله لا يزال يسود على اعتقاد المؤمنين، ويقود عبادتهم في كل أقطار العالم. وفي
كل خدمته كان المسيح فيه وروحه يلهمه.
* يُكتَب أيضًا: سان بول، سانت بولا.