الأسرار السبعة.. لماذا؟
خلق الله الإنسان على غير فساد "ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدا" (تك 1: 31).
ولكن أخطأ الإنسان وفسدت الخليقة ومات آدم في خطيته. وكان ذلك لانفصاله عن الله، فلماذا؟ ببساطة "الله قدوس، وهو نور، ولا شركة للنور مع الظلمة.. ولأنه أيَّة خِلطة للبر والإثم (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 6: 14) فلما انفصل الله عن آدم إذ أخطأ، مات آدم، لأن الله حياة (يو 11: 25). ولكن الله في محبته لم يقف عاجزًا بل كان الفداء. فما هو الفداء؟
الفداء:
ليس هو دفع ثمن الخطية فقط بل تجديد الخليقة، خلقتنا كخليقة جديدة، ولادتنا ولادة جديدة (وهذا هو ما وقف نيقوديموس عاجزا عن فهمه (يو 3: 4).
ونرى في (اف 2: 10) الخلقتين:-
الخلقة الأولى:- لأننا نحن عمله
الخلقة الثانية:- مخلوقين في المسيح يسوع
وبهذه الخليقة نخلص....(غل 6:15). وهذه الخليقة الجديدة تكون عن طريق الإتحاد بالمسيح المتجسد. هذا الإتحاد أسماه بولس الرسول.."فى المسيح" (2كو 5:17)
"إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة". وهذا ما تم شرحه رمزيًا في (ار18).وكان هذا بالتجسد
"وجدت مريم حُبلى من الروح القدس" (مت 1: 18) ومن هذه الآية نرى انه صار للمسيح طبيعة جديدة واحدة من طبيعتين:-
الأولى إلهية (لها حياة أبدية) والثانية جسدية أخذها من مريم (قابلة للموت، مات بها على الصليب).. لكنه قام إذ أن لاهوته متحد بناسوته، ولاهوته لا يموت. مات المسيح على الصليب فانفصلت روحه الإنسانية عن جسده. وقام المسيح إذ اتحدت بجسده الميت حياة جديدة أبدية غير قابلة للانفصال عن جسده مرة أخرى (رو6: 9).
والمسيح اتحد بطبيعتنا، ليميت الخليقة الأولى الفاسدة ويعطينا خليقة جديدة لها إمكانية الحياة الأبدية. بل تأخذ هذه الخليقة الجديدة شكل المسيح (غل 4: 19+ 2كو 3: 18).
فكيف يحدث كل هذا..؟هذا هو عمل الأسرار السبعة:-
المعمودية: نموت مع المسيح ونقوم مع المسيح متحدين معه أي في المسيح (رو 6).
الميرون: المعمودية لا تُفْقِدنا حريتنا، لذلك يمكن أن نرتد ونخطئ، ولكن الروح القدس الذي يسكن فينا بسر الميرون، يظل يبكت ويعين ويجدد الإنسان المُعَمَّد العمر كله.
التوبة والاعتراف: بها تغفر الخطايا.. وكيف نعود ونحيا بعد أن تسببت خطايانا في حالة موت روحي لنا؟ هذا يكون بالإفخارستيا: هي سر نقل الحياة ثانية فنحيا.
الزيجة: هي اتحاد الزوج والزوجة كجسد واحد في المسيح لنمو جسد المسيح عدديًا.
تأمل: رأينا أن السيد المسيح له طبيعة واحدة من طبيعتين:
الأولى لاهوتية: لها صفة الحياة الأبدية ولا تموت.
الثانية جسدية: لها قابلية إمكانية الموت.
ونحن نتناول الجسد المكسور نعلن قبولنا أن نصلب أجسادنا معه ونموت معه، ثم نتقدم ونتناول الدم فنحيا، وهذا ما قاله بولس الرسول "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَ" (غل 2: 20). ويطالبنا بولس الرسول بأن نقبل أن نصلب الجسد، الأهواء مع الشهوات وبهذا يثمر الروح القدس فينا (غل 5: 22-24)، وهذا لأن الروح القدس يعمل فيمن حصل على الحياة من المسيح. وهذا ما نردده في صلاة القسمة في القداس "وعند إصعاد الذبيحة على مذبحك تضمحل الخطية في أعضائنا". فجسد المسيح المصلوب عندما نتناوله مع قبولنا أن نصلب شهواتنا (وهذا ما يُسَمَّى الجهاد، والجهاد هو أن نغصب أنفسنا (مت 11: 12)). هنا نقبل عمل الذبيحة، جسد المسيح المكسور وتضمحل الخطية في أجسادنا، وتثبت حياة المسيح فينا.
ويقول لنا السيد المسيح "إثبتوا فيَّ وأنا فيكم" فكيف نثبت فيه؟ يكون هذا بأن نمارس حياة الإماتة = أي أن نقف أمام الخطية كأموات (رو6: 11 + كو3: 5) فتثبت حياة المسيح الأبدية فينا فنحيا ، ويكون هذا كما اتحدت حياة المسيح الأبدية بعد القيامة بجسده الميت في القبر. ولهذا يقول بولس الرسول أنه صلب نفسه للعالم (غل6: 14) فيحيا ويثمر ، بل مع كل أمراضه نجده يقمع جسده ويستعبده (1كو9: 27) ، فثمار الروح القدس لا تظهر سوى في من صلب جسده ، الأهواء مع الشهوات (غل5: 24). ولذلك يقول بولس الرسول " إن كان المسيح فيكم فالجسد ميت [ يقصد جسد الخطية ]" (رو8: 10). والله من محبته حتى يساعدنا على الثبات فيه ، يسمح ببعض الآلام والتجارب (ما نسميه صليباً في حياتنا) لكي يستمر جسد الخطية في حالة موت ، فيستمر المسيح ثابتا فينا. وتستمر الحياة الأبدية متحدة بجسدنا المائت. وفى هذا يقول القديس بطرس الرسول " من تألم في الجسد كُفَّ عن الخطية" (1بط4: 1). وقارن مع قول بولس الرسول "وإن كان إنساننا الخارجي يفنى فالداخل يتجدد يوما فيوم" (2كو4: 16).
وهذا ما نراه على المذبح... الجسد المكسور في الصينية على المذبح إشارة لأن موت المسيح كان على الأرض، المسيح يُصْلَب على الأرض، ونحن نقبل الصليب ونحن على الأرض، ويكون ذلك بأن نحيا كأموات أمام الخطية والملذات الخاطئة. والمسيح يساعدنا على ذلك ببعض الآلام. فالصليب والموت والألم على الأرض هي مساعدة من المسيح لإماتة جسد الخطية. فالمذبح يشير للأرض هنا حيث حمل المسيح الصليب ونحن أيضا نحمل صليبنا ونتبعه.
أما الكأس فيوجد في الكرسي (للحماية من أن يسكب) ولكن كلمة كرسي تعنى العرش، عرش الله. والدم حياة، فلا موت ولا ألم في السماء بل حياة أبدية.
المسيح وحده سيحتفظ في السماء بجراحاته، وهذا ما قاله لتوما بعد قيامته وهذا ما رآه يوحنا في رؤياه للمسيح في السماء "خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ 6: 6). فلماذا يحتفظ المسيح بجراحاته؟ ذلك حتى نراها ونذكر خطايانا التي سببت له كل هذا، فندرك فداحة الثمن المدفوع لكي نوجد نحن في هذا المجد..... فنشتعل حبًا له.
فهل المسيح كان محتاجا لمن يحبه؟ بل لماذا قال الكتاب "فتحب الرب إلهك من كل قلبك...." (تث 6: 4)..؟!
السبب أن الله يريدنا أن نفرح، فالحب هو سبب الفرح الحقيقي الوحيد. فحينما كان آدم في جنة عدْن... وعدْن كلمة عبرية تعنى فرح، فيكون بهذا معنى جنة عدن أن الله خلق آدم في مكان جميل جدا ولكي يفرح. والفرح في الجنة كان لأن آدم كان يحب الله وذلك لأنه مخلوق على صورة الله والله محبة. وبعد السقوط خدع إبليس آدم وبنيه وصَوَّر لهم أن اللذة الحسية هي الفرح، ولكن شتان الفرق:
فالفرح دائم واللذة لحظية. الفرح عطية إلهية وقادر أن ينتصر على أي ألم، بينما اللذة هي عطية الجسد وعاجزة عن أن تنتصر على الألم (يو 16: 22). والله يريدنا أن نفرح، فهو قد خلقنا لهذا في جنة الفرح، ولما فقدناه أرسل الروح القدس ليسكب محبة الله في قلوبنا (رو 5: 5)، وهذه هي أهمية وصية أحبوا أعدائكم.... لنفرح. ونرى أن ثمار الروح "محبة، فرح.." فالفرح نتيجة طبيعية للمحبة لغة السماء حيث الفرح الدائم (1بط 1: 8). فلنجاهد لنمتلئ بالروح.
سوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد (عب 13: 8)
أسفار موسى الخمس مع سفر يشوع يشرحون قضية الخلاص
التكوين:- الله يخلق الإنسان في أكمل صورة فيسقط ويقع في عبودية فرعون رمزًا لإبليس.
الخروج:- الله يرسل مخلصا هو موسى كرمز للمسيح ليحرر شعبه.
1) :- بدم خروف الفصح..... كرمز لدم المسيح الذي اشترانا به ليحررنا من إبليس.
2) :- وعبور البحر الأحمر.... كرمز للمعمودية.
اللاويين:- تقديم الذبائح كرمز للمسيح الذي قدم نفسه ذبيحة.
1)المحرقة:- تشير لطاعة المسيح التي بها أرضى الله.
2)الدقيق :- تشير لحياة المسيح التي بها نحيا الآن.
3)الخطية :- تشير لدم المسيح الذي غفر لنا خطية آدم الأصلية.
4)الإثم :- تشير لخطايانا الناشئة عن ضعفنا الذي حدث نتيجة للخطية الأصلية.
5)السلامة :- تشير للإفخارستيا ففيها يشترك الله (المذبح) مع الكاهن مع مقدمها مع الناس.
العدد:- توهان الشعب في البرية 40 سنة كرمز لرحلة غربتنا على الأرض، وخلالها كان الشعب يخطئ...
فكيف كانوا يتقدسون؟ هنا تأتى ذبيحة البقرة الحمراء التي كان الشعب يتقدس بها خلال رحلة غربته وكانتهذه رمزًا لدم المسيح الذي يقدسنا خلال رحلة غربتنا على الأرض.
يشوع:- هو سفر دخول الشعب إلى كنعان مع يشوع، رمزًا لدخولنا إلى السماء بعد رحلة غربتنا على الأرض لنكون مع يسوع.
وبهذا نرى أن ذبائح العهد القديم تشرح ما قدمه لنا الصليب والإفخارستيا التي هي ذبيحة صليب مكررة يوميا، فبدم المسيح عبرنا من العبودية إلى الحرية (ذبيحة خروف الفصح في سفر الخروج)، (وبذبائح سفر اللاويين) يرضى الله علينا ويغفر لنا خطايانا وتكون لنا حياة المسيح ونكون في شركة الجسد الواحد بذبيحة الإفخارستيا (السلامة)، (وبذبيحة البقرة الحمراء في سفر العدد) نتقدس خلال رحلة غربتنا على الأرض.
كيفية غفران الخطية في العهد القديم:- كان الخاطئ يأتي بذبيحة بريئة لم تخطئ ويعترف بخطيته أمام الكاهن فتنقل الخطية إلى الذبيحة، ويذبحها الكاهن وبدمها المسفوك تغفر الخطية.
وهذا هو نفس ما يحدث الآن فالله لا يتغير:- فالخاطئ يعترف بخطيته للكاهن. والكاهن يصلى له الحل وبهذا تنقل الخطية إلى المسيح وبهذا يمكنه أن يتناول، ثم يقدم الذبيحة الإفخارستية وبدم الذبيحة تغفر الخطايا، وبالأكل منها نحيا بحياة المسيح.
وكانت تقدمة الدقيق التي تقدم يأخذ منها الكاهن ويضع على المذبح، والباقي من تقدمة الدقيق هو للكاهن وبنيه.والكهنوت كان لهرون وبنيه. وفي العهد الجديد صار الكل يأكل، فالكل لهم كهنوت بمفهوم الكهنوت العام. أما الكهنوت الخاص فهو للكاهن المشرطن الذي يقدم الذبيحة فقط. وهذه التقدمة من الدقيق ترمز لحياة المسيح التي نحيا بها الآن (لي الحياة هي المسيح.. (فى1: 21).
لذلك نصلى في القداس قائلين......... يعطى لغفران الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه.
لأسرار السبعة
هناك سر يترجم بالإنجليزية SECRET وهو ما لا يذاع. ولكننا في كلمة الأسرار الكنسية السبعة نترجمها SEVEN SACRAMENTS بمعنى مقدسات. وباليونانية ميستيريون μυστήριο أي شيء خفي أو مستور. وقد لا يمارس إنسان كل الأسرار. فالبتولي لا يتزوج لكنه ثمرة سر زواج. وليس كل إنسان يصير كاهنًا لكننا جميعًا نستفيد من سر الكهنوت خادم الأسرار جميعها.
والأسرار السبعة هي:
1- المعمودية 2- الميرون (التثبيت) 3- التوبة والاعتراف
4- الإفخارستيا 5- مسحة المرضى 6- الزيجة
7- الكهنوت خادم الأسرار كلها. فلا يمارس أي سر إلاّ كاهن شرعي غير محكوم عليه.
وهناك أسرار لا تعاد وهي المعمودية والميرون والكهنوت. وباقي الأسرار تعاد فالإنسان يقدم توبة ويعترف ويتناول دائمًا.
ومدخل كل الأسرار هو المعمودية. فلا يتناول إنسان من سر الإفخارستيا ما لم يكن معمدًا. كما أن الشعب اليهودي لم يأكل من المن إلاّ بعد أن اجتاز البحر الأحمر الذي هو رمز للمعمودية.
وإن كان سر التوبة هو الخاص بمغفرة الخطايا إلاّ أن مغفرة الخطايا هي مع كل سر من الأسرار. ففي المعمودية غفران للخطايا (الحالية والجدية) ويخرج الإنسان مولودًا جديدًا. وهكذا في الميرون والإفخارستيا ومسحة المرضى والزيجة. لذلك يجب ممارسة الاعتراف قبل كل سر:
1) يقول الكاهن في القداس (يعطي خلاصًا وغفرانًا للخطايا).
2) وعن سر مسحة المرضى "صلاة الإيمان تشفي المريض وإن كان قد فعل خطية تغفر له" (يع15:5).
والإنسان لكي يتقبل نعمة من الله في أي سر من الأسرار لابد أن يكون تائبًا ليستحق غفران خطاياه وبهذا يستحق أن يعمل فيه الروح القدس عملًا خاصًا.
وأسرار الكنيسة مبنية على عمل الروح القدس. فالروح القدس هو الذي يبارك مياه المعمودية ويعطي للإنسان ميلادًا جديدًا فيعتبر مولودًا من الماء والروح. والروح القدس هو صاحب المسحة المقدسة في سر الميرون. وهو الذي يعطي غفران الخطايا في سر التوبة فلا يغفر الخطايا سوى الله وحده. والروح القدس هو الذي يحول الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه، والكاهن يستدعي روح الرب في سر الإفخارستيا فبروحه تتم الاستحالة. والروح القدس هو الذي يمنح السلطان والدرجة في سر الكهنوت. وهو الذي يحول الاثنين واحدًا في سر الزواج، ثابتين في جسد المسيح كجسد واحد، ويمنحهما حبًا روحانيًا متبادلًا يحافظ على كيان الأسرة، لذلك يقول الكتاب "ما جمعه الله لا يفرقه الإنسان" والروح القدس هو الذي يمنح الشفاء في سر مسحة المرضى.
إذًا الروح القدس هو العامل في الكنيسة في الأسرار المقدسة. وسميت أسرار لأجل العمل السري الذي يعمله الروح القدس دون أن يرى الناس منه شيئًا. ولذلك قيل أنها أسرار لأننا بها ننال نعمة سرية تعطي بواسطة شيء ظاهر، فالظاهر مثلًا هو تغطيس المعمد في الماء والسر هو ولادة جديدة = موت مع المسيح وقيامة مع المسيح. والظاهر في سر الإفخارستيا هو خبز وخمر. والسر هو عمل الروح القدس غير المنظور في تحويلهما إلى جسد الرب ودمه. لذلك فالسر الكنسي يقال عنه نعمة غير منظورة تحت أعراض منظورة والنعمة التي نحصل عليها في السر هي نعمة قابلة للزيادة والنقصان بحسب جهاد الإنسان.
أمثلة:
في سر الميرون يسكن الروح القدس في الإنسان بمقدار كذا |→--------?←|
بجهاد الإنسان يمتلئ بالروح وتزداد النعمة لتصير كالرسم |→---------------?←|
إذا أهمل الإنسان جهاده ينطفئ الروح ويحزن لتقل النعمة كالرسم |→?←|
لذلك يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "أذكرك أن تضرم أيضًا موهبة الله التي فيك بوضع يديَّ" (2تي6:1). ويقول للجميع "امتلئوا بالروح" ويكمل شارحًا كيف نمتلئ بالروح "مكلمين بعضكم بعضًا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب. شاكرين كل حين على كل شيء.. خاضعين.." (أف18:5-21). ولاحظ أنه يقول إمتلئوا بالروح لأهل أفسس الذين حل عليهم الروح القدس من قبل (أف3:4، 4) ويقول لأهل كورنثوس "جسدكم هيكل للروح القدس" (1كو19:6). وينبه الرسول أيضًا قائلًا "لا تحزنوا روح الله" (أف30:4) وأيضًا لا تطفئوا الروح (1تس19:5).
مثال آخر:
في المعمودية دفننا مع المسيح وصُلِب إنساننا العتيق وقمنا بحياة جديدة متحدين بالمسيح (رو3:6-6) فهل جسد الخطية بَطُلَ لكل المعمدين؟! قطعًا لا... إذًا لماذا؟ هذا لأن ليس كل المعمدين يجاهدون، ولهذا تضمحل النعمة التي حصلوا عليها.
مثال آخر:
كسر الخبز فتح عيني تلميذي عمواس فعرفوا المسيح (لو30:24، 31). وفي قسمة للقديس كيرلس (رقم 19/20 في الخولاجي eu,ologion على موقع الأنبا تكلا هيمانوت) يقول (وعند إصعاد الذبيحة على مذبحك تضمحل الخطية من أعضائنا بنعمتك) فهل كل إنسان يتناول تنفتح عينيه فيعرف المسيح وتضمحل الخطية من أعضائه؟ لا.. والسبب يرجع لعدم الجهاد والتراخي.
مثال آخر:
في سر الزيجة يمنح الروح القدس نعمة المحبة للزوجين، فهل كل زوجين نالا سر الزيجة هما في محبة روحانية؟ لا.. والسبب راجع لعدم الجهاد. فالبيت الذي فيه صلاة وكتاب مقدس وتوبة وجهاد، تزداد نعمة الروح القدس الممنوحة للزوجين في سر الزيجة، وبالتالي لابد وأن يمتلئ البيت محبة وفرح.
مثال آخر:
وبنفس المفهوم يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الذي حصل على سر الكهنوت "إلى أن أجئ أعكف على القراءة والوعظ والتعليم. لا تهمل الموهبة التي فيك، المعطاة لك بالنبوة مع وضع أيدي المشيخة.. لاحظ نفسك والتعليم" (1تي12:4-16). فتيموثاوس حصل على نعمة الكهنوت بوضع يد المشيخة (وضع يد بولس الرسول الرسولية الكهنوتية) وهذه النعمة تزداد بالقراءة (يعلم نفسه) والوعظ والتعليم أيضًا بمعنى (يعلم شعبه) فالمُروي هو أيضًا يُروَى (أم25:11).
والسر هو عمل مقدس يتم بالصلاة واستخدام وسائط حسية منظورة ننال بها نعمة الله ومواهبه غير المنظورة. ولذلك قال أغسطينوس أن (السر هو الشكل المنظور لنعمة غير منظورة). والله أراد أن نستخدم أشياء منظورة لأننا الآن في الجسد، والجسد هو شيء مادي لا يُدرك سوى الماديات. الإنسان روح وجسد، والروح تدرك الروحيات والجسد لا يُدرك سوى الماديات. لذلك فاستخدام المواد في الأسرار هام حتى يُدرك الجسد ما يحصل عليه. (التفاصيل تجدها في موضوع الرموز في الكتاب المقدس في نهاية موضوع الأسرار، هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت).
مادة السر:
1) في المعمودية الماء وهو مادة مناسبة فبالماء يغتسل الإنسان لينظف جسده وفي المعمودية غسيل من الخطايا. والماء مادة مناسبة يغطس فيها الإنسان ويخرج إشارة للدفن والخروج أحياء مرة أخرى.
2) في الإفخارستيا الخبز والخمر. والخبز مادة مناسبة، فبالخبز يحيا الإنسان جسديًا ويشبع، وحينما يتحول الخبز إلى جسد المسيح يحيا به الإنسان روحيًا ويشبع بالمسيح. والخمر مادة للفرح. وحينما يتم التحول يصير الجسد للشبع الروحي والدم مصدر للفرح الروحي.
3) الزيت راجع كتاب سفر الخروج (المواد المستخدمة في خيمة الاجتماع).
4) وفي سر الاعتراف يكون الخجل من الكاهن هو دافع لأن نخجل من الله. ثم ينطق الكاهن بالحل إعلانًا لغفران الله للمعترف.
5) الزيت في مسحة المرضى لأن قديمًا كان الزيت يستخدم لعلاج الجروح.
النعمة غير المنظورة:
1. في سر المعمودية هي الولادة الجديدة من الماء والروح وموت الإنسان العتيق والتجديد.
2.في سر الميرون هي سكنى الروح في الإنسان.
3.في سر التوبة هي غفران الخطايا.
4.في سر الكهنوت هي سلطان مغفرة الخطايا وإمساكها وممارسة الأسرار.